يسميها الصينيون شينجيانج بعدما احتلوها وهي تعني المستعمرة الجديدة لكن أهلها يصرون على تسميتها بتركستان الشرقية فكلمة ستان بمعنى أرض وترك يعنى الاتراك فهي أرض الأتراك وسكانها اسمهم أتراك الأويغور، وان كانت شرقية فهذا معناه أن هناك تركستان غربية وهي تشمل دلوقتى دول أوزباكستان وقيرغيزستان وتركمانستان وكازاخستان، وكل دول تركستان الغربية كانت تحت الاحتلال السوفيتى ونالت استقلالها حالياً أما تركستان الشرقية فما زالت تحت الإحتلال الصيني.
دخلها الإسلام في وقت مبكر جداً عن طريق الدعاه من الجزيرة العربية في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنهما وفي عهد الدولة الأموية أرسل الأمويون 16 بعثة علمية بهدف نشر الاسلام هناك لكن بدأت تحصل مضايقات للبعثات ديه وحصل ان تم قتل بعض الدعاه المسلمين فأرسلت الدولة الأموية جيوشها بقيادة العملاق {قتيبة بن مسلم} رحمه الله سنة 95 هـ لفتح تركستان الشرقية.
لكن جرى حدث كبير جداً غير مجرى حياتهم تماما وهو ان قائد تركي اسمه{ستوق بُغرا خان} اعتنق الإسلام واتبعه 200 ألف عائلة تركية يعني أكتر من مليون شخص كلهم تحولوا للإسلام بفضل هذا الرجل العظيم وقد كانت تلك أول دولة تركية تعتنق الإسلام وهي الدولة القراخانية، ثم أتى من بعده حفيده واسمه{هارون بُغرا خان} الذي حول أبجدية لغتهم للعربية وهو ما ساهم أكتر في نشر الإسلام واللغة العربية ونشر القرآن بينهم.
أسس المسلمون هناك دولة وظلت قائمة حتى سنة 1759م لما احتلت الصين تركستان الشرقية وظلت المواجهات وعمليات الكر والفر بين المسلمين والصينيين وفي كل مرة تحدث مذابح بحق المسلمين حتى نال المسلمون حريتهم واستقلت تركستان الشرقية سنة 1933م وتم تأسيس جمهورية تركستان الشرقية الأولى ورئيسها خوجا نياز حاجي.
كان السوفيت المجاورين للصين والمحتلين لتركستان الغربية يراقبون الوضع في صمت وحذر، فقيام جمهورية إسلامية في تركستان الشرقية ربما يغري أتراك الغرب بالجهاد وحمل السلاح ضد الشيوعيين، بل وربما الأكثر من ذلك وهو أن تكون تركستان الشرقية بمواردها الإقتصادية الغنية مصدر مدد للمسلمين القابعين تحت حكم الشيوعيين.
فقدم الإتحاد السوفيتي دعمه للصين وأتت الصين عام 1934م واحتلت تركستان الشرقية مرة أخرى وتم قتل 10000 مسلم مرة واحدة، لكن استمر المجاهدون وبرز منهم القائد عثمان باتور الذي اعتصم بالجبال وأذاق الصين والروس الويلات من عملياته الخاطفة وحروب العصابات حتى كانت سنة 1949م وتم قيام جمهورية تركستان الشرقية الثانية لكن
سقطت تلك الجمهورية الثانية سريعاً تحت المد الشيوعي بقيادة الصيني ماو تسي تونج وقتل 100 ألف مسلم.
وتبدأ معاناه جديدة لإخواننا المسلمين هناك تحت الحكم الشيوعي وتمارس عليهم فتنة شديدة في دينهم فأصبحت الصلاه في المساجد ممنوعة للسن أقل من 18 سنة وكان هذا تميهداً لمنعها بصورة نهائية الآن وممنوع السفر للحج بالاضافة لمنع السفر بغرض التعليم الديني كالتعلم في الأزهر مثلا وممنوع تعلم لغتهم واللغة العربية وممنوع حمل المصحف في الجامعات
أما عن أسباب تمسك الصينيين بتلك الدولة فكثيرة جدا منها انها أرض غنية جدا بالبترول والغاز الطبيعي والفحم بالإضافة لليورانيوم والذهب غير أن الصين تستورد بترول من روسيا ودول القوقاز وهذا البترول يمر في أنابيب برية عن طريق هذا الإقليم، وبالإضافة أن تركستان الشرقية وبموقعها الجغرافي الذي يجاور أكثر من بلد جعل منها قديماً ممراً رئيسياً في طريق الحرير والذي تحاول الصين إحياؤه مرة أخرى.
والوضع الآن في تركستان الشرقية في غاية السوء، فقد اجتمع على الأويغور خزلان العالم الإسلامي لهم وعدم المعرفة بقضيتهم مع التغريب والإنسلاخ عن الدين، فالصين تفرض نظاماً صارماً في المراقبة على الأويغور فتضع أكثر من 200 ألف كاميرا مزودة بتقنية التعرف على الوجوه ويتم الإحتفاظ بملف لكل فرد أويغوري لبيان هل يعادي الشيوعية أو يميل للتدين أم لا!
كذلك تضع الصين حالياً الكثير وربما الملايين من أفراد الشرطة في البلاد حتى قيل مجازاً وعلى سبيل المبالغة ”فرد شرطة لكل مواطن“ ويتم فرض على كل أويغوري تحميل تطبيق مراقبة وتنصت على هاتفه وإذا أوقف شرطي صيني مواطن أويغوري وتفحص هاتفه ولم يجد التطبيق فمعسكرات الإعتقال هي المآل.
كما تفرض الصين عليهم رقابة مشددة وتفرض على كل أسرة أويغورية استضافة صينين في بيوتهم وزواج المسلمات من الصينيين والعكس كما أن من يثبت تدينه أو تمتمته بكلمات دينية أو إتخاذ وضعيات العبادة يجعل الفرد وأسرته تحت المعاناة، فالأطفال يؤخذون لمراكز التأهيل وفيها يجبرون على الحديث بالصينية وأكل الخنزير وسرد الأغاني التي تمجد الحزب الشيوعي، أما أرباب الأسرة فيؤخذون لمراكز الإعتقال وفيها تعاد غسل أدمغتهم ويجبرون على تعاطي حبوب الهلوسة والتعقيم ثم العمل القسري في مصانع الصين، هذا غير العذاب البدني والنفسي ثم يكون الموت أو الجنون مصير كل من يدخل مراكز الإعتقال في النهاية.
مصدر:
رواية ليالي تركستان للمؤلف نجيب الكيلاني،
حلقات راغب السرجاني عن تركستان الشرقية .
تعليقات
إرسال تعليق